دعاني أحد الفضلاء القائمين على إدارة أنشطة أحد المساجد في تركيا لإعطاء دروس في اللغة العربية للأطفال في دورة 1445هـ، ففرحت بالدعوة ولبيتها وخاصة أن لي بنتاً وأعلم جهالة الأولاد بلغتهم في المهجر ولهذا أسباب وأسباب، ومن لطائف القدر أني كنت قبل الدعوة بفترة ألزمت نفسي بتخصيص ساعة كل يوم سبت لابنتي ذات الستة سنوات لكي أعلمها العربية كتابةً ونحوًا. ربما لولى تجربتي مع ابنتي لما لبيت الدعوة فأنا -وإن كنت أحب العربية وأهتم بها- مهندسٌ ولم أطالع العربية إلا في المدرسة وأولى مراحل الجامعة. ساعدني على القبول أن الفئة العمرية صغيرة وأن المطلوب هو ضبط الخط والإملاء لدى الأطفال، فاعتبرتهم بمقام ابنتي وعزمت أن أعلمهم ما أعلمها.
أكتب في هذه التدوينة تجربتي على ضعفها وقصورها وذلك لأني لم أجد في المحتوى العربي ما يغني في ذلك، معظم المحتوى المرئي والمكتوب هو لتحليل الظاهرة واقتراحات نظرية وليس طرح لتجارب عملية. نتج عن مشكلة ضعف العربية لدى أبناء الجاليات الكثير من المؤسسات التي تعلّم العربية على الإنترنت وهذا مبحث آخر مهم لن أخوض فيه. سأركز في هذه المقالة على تجربتي في تعليم العربية كتابةً وإملاءً وجهاً لوجه مشيراً للمنهج والمعوقات والحلول. كل ما سؤرده في المقال من وحي التجربة والمشاهدة من غير تنظير ولا مبالغة.
الفئة العمرية المستهدفة وهدف الدورة ومدتها
حضر الدورة أطفال بعمر صغير بين عمر الـ 7 سنوات والـ 11 سنة. امتدت الدورة لأقل من عام دراسي كامل يوم واحد في الأسبوع بحوالي 14 جلسة وفي بعض الأوقات توقفت الدورة كشهر رمضان والأعياد. مدّة الدرس وسطياً ساعة ونصف. وهدف الدورة التركيز على ضبط مهارة الكتابة والإملاء أي لم يتخللها تعليم النحو والقواعد.
بفضل الله، كان للمنهاج المتبع أثرًا على الأطفال وأدناه عينة لكتابة طالب قبل وبعد الدورة.
ظاهرة ضعف اللغة العربية لدى الأطفال في تركيا (والمهجر)
ليس بين يدي أرقام وإحصائيات حتى يكون تحليلي حقيقة حول ضعف اللغة العربية لدى الأطفال في تركيا-ويجوز أن تعمم في بلاد المهجر-. سأسرد رأي في هذا وإن حمل قصورًا فمني. لن تجدوا في التعدادات التالية ذكراً لمسؤولية على الطفل نفسه، فالأطفال بذرة يسقيها الآباء فإما تنمو معوجة لتقصيرهم أو تنمو مستقيمة سليمة عندما يحسن الأهل الرواء والاعتناء.
1- ضعف اهتمام الأهل وأحياناً انعدامه في تعليم أطفالهم العربية والبعض ربما قال في نفسه يتعلم ابني اللغة لوحده مع الوقت.
2- مبالغة بعض الأهل في الاندماج في مجتمعهم التركي اندماجاً مفرطاً على حساب العربية، فمن الأسر -وإن كانت قليلة- لا يتحدث أطفالها العربية إلا كالأعاجم.
3- يعتبر بعض الأهل أن مهارة التحدث والتواصل بالعربية كافيًا لابنه.
4- يركز بعض الأهل على تعليم القرآن الكريم فقط ظنًّا أن تعلم القرآن يغني عن العربية، وهذه مقاربة مغلوظة في عصورنا المتقدمة حيث لا سليقة للعربية لدى الطفل إلا العامية وهي سليقة معوجة. إن كان تعلم القرآن يعلّم العربية، لكان كل حفاظ القرآن من الأعاجم يتحدثون العربية! لا شك أن القرآن هو منبع العربية وعماد علومها ولكن تعلم قراءة المصحف لا يُعَلِّمُ قراءة نصوص العربية ولا كتابتها.
5- انشغال الأهالي في كسب قوت يومهم. فهم وإن تنبّهوا لمشاكل أولادهم وإن أيقنوا بها منغمسون في حياة ممحوقة البركة كثيرة المصاريف والمشاغل والملهيات.
6- من البداهة أن نذكر أن المدارس في المهجر تُعلِّم لغة أهل البلد، فالأولاد يتلقون لغة أعجمية طوال الوقت ويتحدثون بها ولهذا تأثير ليس في ضعف مهارة القراءة والكتابة بل إنها تترك لديهم مشاكل تعليمية، فمثلاً اللغة التركية تكتب من اليسار إلى اليمين ومن الأطفال -وقد حضر لدي طالب كتب كذلك- من ينسى فيكتب العربية من اليسار إلى اليمين ولا لوم عليهم في ذلك فذهنهم تشرد أحياناً وأضف لذلك أن التركية حروفها لاتينية مقطعة وقد شاهدت أيضًا طالبًا يكتب العربية بحروف مقطعة كحروف اللاتينية. لهذا ما أصوب رأي من استنكر تعلم الأطفال لغة أجنبية قبل أن يتقنوا لغتهم الأم. ومن يُخطِّئ هذا أجزم أنه لا يبالي بالعربية أو أنه لم يدرك مصائب تعلم اللغات الأجنبية قبل اللغة الأم ولا يظنن أحدٌ أن اللغة كلمات وأصوات ومحارف فقط، بل هي أوسع من ذلك بكثير. اللغات الأجنبية تراكيب وثقافة تتفق مع العربية أحياناً وتنازعها أحياناً كثيرة فإن كان السبقُ للأعجمية كانت العربية تبعاً وليس أصلاً وانظروا في ذلك كتاب العرنجية مثالًا. وإن كان في الغربة لا فَرار من تنشئة الأولاد على اللغة الأعجمية فأقل الواجب أن تكون اللغة العربية في أولى أولويات اهتمام الطفل والأهل متى ما استطاعوا.
المناهج والمراجع المقترحة
طالعت العديد من الكتب لاعتمادها مرجعًا وذلك استغرق وقتًا وجهدًا وعَلّي أختصر على من يطالع هذه المقالة ذلك الوقت. الكتاب الأول والأهم هو كتاب الدكتور محمود شاكر سعيد واسمه “القضايا الإملائية وطرائق تدريسها في المرحلة الابتدائية”. ما يميز الكتاب أن المؤلف قسّم الفصول بناءً على الصف الدراسي فبدأ من الصف الثالث وانتهى بالصف السادس وأورد في كل صف المواضيع المناسبة بحسب خبرته. هذا يساعد قليل الخبرة -مثلي- من تصدّى لمثل الدورة التي أقدمت عليها أن يعلم المناسب لأعمار الطلاب بناءً على رأي خبير. وأما محتوى الكتاب فقد خُصص ليساعد المعلم فيورد في بداية كل عنوان الأهداف من الدرس وثم الأسئلة التي يجب أن يطرحها المعلم على الطلاب أثناء تقديم الموضوع و نهاية تلخيص الموضوع باستنتاجات وقواعد ويتبعها بتطبيقات ونص يصلح لأن يُملى على الطلاب فيطبقوا ما تعلموا وفهموا.
وللمؤلف الدكتور محمود شاكر سعيد كتاب آخر اسمه “المرشد في الإملاء” وهو مختصر -إذا جاء بـ 90 صحفة- عن “القضايا الإملائية وطرائق تدريسها في المرحلة الابتدائية” –إذا جاء بـ 200 صفحة-،ولا يوجد فيه هذا تقسيمات الكتاب الأول وإنما شرح مبسط ومباشر للمواضيع ويصلح أن يكون الكتاب كتاب التحضير للمعلم.
وأما كتاب “المفرد العلم في رسم القلم” لأحمد الهاشمي فهو كتاب غني مؤلفه أديب ومعلم مصري وهو صاحب الكتاب ذائع الصيت “ميزان الذهب في صناعة شعر العرب” ويتميز الكتاب بأعداد كبيرة جداً من النصوص لتدريبات لقواعد الإملاء المذكورة فيه. الكتاب متقدم ولكنه يصلح أن يكون مرجعاً. ولمن أراد الاستزادة هناك كتاب “أصول الإملاء” لعبد اللطيف محمد الخطيب وكتاب “اللغة العربية أداءً ونطقًا وإملاء وكتابة” لفخري محمد صالح.
ولضبط مهارة الكتابة لدى الأطفال استعملت كراسة الخط الرقعة -من تأليف وزارة التربية والتعليم في فلسطين- أحد أشهر الخطوط العربية وأكثرها انتشارًا.
ولكل حرف صفحة فيها أشكال الحرف وتدريبات على كلمات وشاهد من جملة أو بيت شعر ذات معنى ومغزى.
المواضيع التي أعطيت في الدورة
اخترت أحد مواضيع الإملاء المهمة والتي غالباً لم يتعلمها أحد من الطلاب لأبدأ بها الدورة وليشعروا أنهم في مستوى جديد خارج عما تعلموه سابقاً. فبدأت بقواعد الهمزة المتوسطة وأفردت لكل شكل من أشكال الهمزة المتوسطة جلسة وجلسة إضافية للمراجعة والتمكين مع واجب منزلي واختتمت هذا القسم بمذاكرة. أرفق واجب الهمزة المتوسطة واختبارها لمن أراد إعادة استخدامها.
في نهاية جلسات الهمزة المتوسطة أردت أن أبسط لهم القواعد وأعطيهم طريقة لمعرفة شكل الهمزة على السليقة فوجدت طريقة ولا أدري صحتها فلم أقف عليها في كتاب. في لسان قريش وفي أحد قراءات القرآن كلمة “مؤمن” مثلًا تُقرأ “مومن” وقلت لهم أن العامية تحذوا هذا الحذو فمثلًا كلمة “بئر” نقول لها بالدارجة “بير” وكلمة “جرائد” نقول عنها “جرايد” وكلمة “يقرؤون” نقول عنها “يقرون” وحتى غيرها من الكلمات الفصحى يمكن ردها لما تألفه اذننا العامية فمثلاً كلمة “بائع” لا يمكن أن تكون “باوع” وإنما “بايع” وإن كانت هذه القاعدة لا تصلح قاعدة عامة ولكنها تصلح صلاح قواعد تعتمد السليقة كإضافة أل التعريف إلى الكلمة المبدوءة بهمزة لمعرفة إن كانت همزة قطع أو وصل إن لفظت أو إن لم تلفظ.
بعد ذلك شرحت في جلستين الهمزة المتطرفة بأشكالها الأربع وهي أسهل من الهمزة المتوسطة لأنها تتبع حركة الحرف الذي قبلها فقط. تلى ذلك جلسة عن اللام الشمسية والقمرية وثم جلسة عن التنوين وخلال الجلسات كنت أطرح بعض المراجعات والملاحظات الإملائية مما سهل حفظه ولا يحتاج لجلسة كاملة ومنها التاء المربوطة والمبسوطة. آخر موضوع طُرح في الدورة هو جزء من علامات الترقيم المهمّة والمناسبة لمستواهم.
كان الامتحان في نهاية الدورة شاملًا لكل المواضيع ويتألف من ثلاثة أقسام: قسم لقواعد الإملاء وقسم للإملاء الشفهي وقسم للقراءة أداءً وسرعةً. أشارككم ورقة الامتحان في ما يلي:
نصوص الإملاء
من أهم ما يتدرب عليه الطلاب في مراحلهم الأولى من اللغة العربية هو إتقان كتابة النص المُملى عليهم وقد تخللت الدورة الكثير من الإملاءات لنصوص عليهم. إن اختيار النص للإملاء مهم لكي لا يكون سهلًا كل السهولة ولا صعبًا فيه مالا يعرفون قواعده ولا معناه. من مصادر الحصول على نصوص مناسبة كتاب “القضايا الإملائية وطرائق تدريسها في المرحلة الابتدائية” إذا يُلْحِق المؤلف بعد كل درس نصًا مناسبًا، وتعد كتب سلسلة إقرأ لأحمد بوكماخ مرجعًا ذاخرًا بالنصوص وهذه السلسلة كانت السلسلة التعليمية الوطنية في مدارس المغرب حتى الثمانينات.
كما يوجد في كتاب “المفرد العلم في رسم القلم” لأحمد الهاشمي عدد هائل من النصوص ولكن بعضها ذات كلمات صعبة الفهم على الأطفال.
بداية الدورة وزيادة حماسة الأطفال والتزامهم
حرصت في أول جلسة من الدورة أن تكون لعدة أغراض:
1- أجريت اختبار مستوى للجميع فطلبت من كل واحد كتابة بعض الأحرف ببعض أشكالها وبعض الكلمات وجملة واحدة وعليه قسّمت مستوى الطلاب إلى ثلاث مستويات بناءً على نتائج الاختبار. كانت الشريحة الأكبر هي من تعرف الكتابة ولكن لا تتقنها وتخطئ أخطاء جوهرية.
2- أوضحت للطلاب هدف الدورة فكثير منهم ولحداثة سنهم لا يعون أهمية لغتهم فأوضحت لهم أقسام الدورة وحاولت قدر الإمكان أن أبرز لهم أهمية تعلمهم للغتهم وهم في بلد غير عربي.
3- لضمان حماسهم والتزامهم، اتفقت معهم على نظام العلامات وأنواع الواجبات واتفقنا على هدية في آخر الدورة للمتميزين وكان لذلك أثر كبير في التزامهم.
حرصت أيضاً أن أوزع لهم بعض الحلويات في نهاية الجلسة لكي أربط لديهم دروس العربية بحلاوة حسيّة من قطعة راحة أو سكرة لها أثر كبير على الأطفال في عمرهم.
المشاكل المشتركة الملاحظة لدى الأطفال
سأسرد بعضًا من الملاحظات المهمة التي استرعت انتباهي خلال الدورة للمشاكل لدى الأطفال وإن إدراك المشاكل هذه قبل بدء الدورة أمر مهم حيث يمكن للمعلم تداركها:
1- ضعف التركيز عند كتابة الوظائف وكانت معظم الواجبات تكرار الكلمات والجمل لضبط الخط، فمعظم الأطفال لا يقرأون ما يكتبون ولا يقرأون ما كتبوا وإن قرأوها قرأوها خطأ دون أن يشعروا بمشكلة لضعف حصيلتهم من الكلمات لعدم تلقيهم العربية في المدارس ويضاف لذلك طبيعة الأطفال في عدم تقدير الأخطاء وكذلك لم ألاحظ مراجعة أولياء الأمور لواجبات أطفالهم مما يمنع وجود أخطاء جوهرية في واجباتهم.
2- تفاوت المستويات بين الطلاب وكل منهم تعلم قراءة وكتابة العربية بفترات متقطعة غير منتظمة غالبًا ولذلك كان بعض الأطفال متقن للقراءة بشكل جيد وبعضهم متوسط وبعضهم ضعيف جداً. وكذلك الكتابة بعضهم يستطيع الكتابة بأخطاء بسيطة جداً وبعضهم لا يعرف الكتابة نهائيًا أو كما شاهدتهم يكتبها من اليسار لليمين أو حتى بأحرف مقطعة.
3- عدم اهتمام الأهل بواجبات الأطفال ولا مراجعتهم لما يكتب أبناؤهم وحللت ذلك بإضافة خانة توقيع ولي الأمر على كل ورقة تدريب ونشاط وهذا ما تعودنا في صغرنا القيام به واليوم أنا أشهد أنه كان لذلك غاية مهمة في نفس المدرس.
بعث أساليب الزمن القديم من جديد لزيادة اهتمام الطلاب
منذ بداية الدورة وضعت بالحسبان أن الطلاب لن يكونوا باهتمام طلاب المدارس النظامية، فقدومهم تطوعي ولا نجاح ولا رسوب كالمدارس النظامية، فابتدعت أمرين لضبطهم خلال الصف وجعلهم يهتمون بالواجبات والمذاكرات.
1- أخبرت الطلاب بأن نهاية الدورة سأوزّع هدايا على أول ثلاثة طلاب يحرزون أفضل مجموع من العلمات من الحضور وكتابة الواجبات والمشاركة في الدروس.
2- ضبط الصف وتحفيزهم على المشاركة والتفاعل خلال علامة الـ+/- أضيفها أمامهم للطلاب المميزين مما يزيد من حماسهم وحرصهم على الحصول على علامة + وكانت هذه من أهم الأساليب التي حققت غرضها.
الاستعانة بالبرمجة لزيادة شعور الطلاب بأهمية اللغة العربية
في معرض تفكيري لزيادة حماس الأطفال لتعلم لغتهم، وجدت أن أضيف شيئًا يزرع في نفوسهم أن اللغة العربية هي لغة حيّة متطورة مواكبة لحياتنا حتى التقنية -وإن كان للأسف العربية تعاني من هجر أهلها لها تقنيًا- وليس لغة جامدة وإن كان الأطفال بهذه الأعمار لم يتعرضوا لنقاشات تجلد العربية وتتهمها بالجمود والتخلف ولكن وددت غرس هذه الصورة المشرقة في نفوسهم فعلهم يفتخروا بلغتهم افتخارًا غير منقوص حتى في المجال التقني. بحثت في كثير من اللغات الحاسوبية التي كانت تكتب بمحارف عربية والتي كنت أسمع عنها ومنها لغة ج وغيرها، ولكن للأسف كعادة المشاريع المشابهة تموت بموت طاقة مبتكرها على الاستمرار في دعمها. ثم وجدت لغة ي -ولا يصح أن نقول لغة- لأنها مشروع برمجي يستبدل الأوامر في لغة البايثون بأوامر بمحارف عربية، فهي تعمل على البايثون بشكل كامل وهذا كان عز الطلب، فهي تستفيد من كل ميزات البايثون ولكنها بمحارف عربية.
إن أهم أمر في استعراضي لاستخدام العربية في البرمجية هي الربط بين مهارة الكتابة بشكل صحيح وبين البرمجية فأوضحت للطلاب عندما استعرضت اللغة، أننا نحن البشر نقرأ النص ونفهمه وإن كان فيه خطأ ولكن كيف للحاسب أن ينفذ برنامجاً نصه فيه خطأ، وبهذا أقنعتهم أن قواعد الإملاء ضرورية وهذا أحد أوجه ضرورة قواعد الإملاء. كنت كلما توفر وقت كتبت لهم برنامج بسيطاً.
للأسف لم أستطع الاستمرار في هذا النشاط لعدم توفر تجهيزات في القاعة ولكن هذه من النشاطات التي أنوي تعزيزها في المرات القادمة لو شاء الله أن أعيد هذا المنهاج.
مشكلة الخطوط العربية غير الحاسوبية واستشكالها على الطلاب
من المشاكل المهمة التي واجهتها خلال واجبات نسخ الجمل والكلمات والتدرب عليها بخط الرقعة هي اعتياد الطلاب على الخطوط الحاسوبية في معظم ما قرؤوه. فأشكال بعض الحروف بخط الرقعة مستغربة لديهم وأدناه أمثلة على أشكال لبعض حروف الرقعة التي تُشكل على الأطفال.
لا أستطيع ان أجزم إن كان الرقعة هو الأنسب للأطفال ولكنّا تربينا ونشأنا عليه وبرأي أن لإدخال خط جديد من الخطوط العربية الشهيرة -وإن أشكل على الأطفال- أهمية في إكسابهم مهارة في تفسير النصوص المكتوبة بخطوط مختلفة فالنص عربي غني بعدد كبير من الخطوط ولا بد تدريب عقولهم على تنوعها خارج الخطوط الحاسوبية المنتشرة.
ومن الغرائب التي واجهتها -ولكن لتكرارها مع كل الأطفال في الدورة تيقنت أنها مشكلة لا بد من حلها- هي جودة الطباعة لأوراق الواجبات. يوجد في كراسة خط الرقعة تحت كل جملة نسخة بخط فاهٍ ليتمكن الطفل من تحبيرها والتدرب على الشكل قبل أن يكتبها لوحده. من المستغرب أن أسوأ جملة يكتبها الأطفال-دوماً- هي المحبرة والكل اشتكي أنه بسبب عدم وضوحها، فلعل نسخة منقطة أجدى من النسخة الفاهية.
ومن المشاكل الشائعة أيضاً مشكلة صغر حجم بعض الأحرف أو الحركات فكانوا كثيراً ما ينقلون الجملة بشكل خاطئ دون أن يتفكروا بالخطأ، فهم غالباً لا يقرأون ما يكتبون ولا يقرأون ما كتبوا. فمثلاً في الجملة أدناه كثيراً ما أجد تلاميذ ومن غير تركيز يكتبون بدل الهمزة نقطة تحت الألف أو في أحسن الأحوال يحولونها لكسرة.
طرائق تصحيح واجبات التلاميذ
قرأت في أحد الكتب -ولا أذكر أين ولكن حتمًا من بين المراجع السابقة- أن هناك ثلاث طرق لتصحيح الواجب أو المذاكرة للتلميذ:
1- يصححها المعلم في المنزل ويوزع الوظائف المرة القادمة على الطلاب مدونةٌ عليها الملاحظات وهذه هي الطريقة الشائعة واتبعتها كثيرًا وكنت بداية كل درس أحاول تسليط الضوء على مشاكل في أوراق التلاميذ دون تجريح وبشكل مدروس جدًا بحيث أجعل الطلاب يحسبون ألف حساب قبل أن يخطئوا أخطاء معيبة. عرض خطأ أحدهم دون إشهار اسمه كفيل لجعل الطفل يتحرى ألا يكرر الخطأ المرة القادمة.
2- أن يصحح كل تلميذ للتلميذ الآخر وهذه الطريقة ليس مناسبة للفئة العمرية التي كان عندي ولا لهذا المستوى.
3- تصحيح الأخطاء بينك وبين الطالب وبهذه الطريقة تسترعي كل انتباه الطفل لأخطائه ويشعر باهتمام خاص من المعلم ولمست آثرًا كبيرًا لهذه الطريقة أكثر من الطريقة الأولى وإن لم يتسع الوقت لاتباع التصحيح الفردي كل مرة.
ضعف تركيز الطلاب في حل الواجبات وضعف تفاعل الأهل والتغلب على ذلك
من أكبر العوائق التي واجهتها هي عدم إتقان كتابة الطلاب لواجبهم الرئيسي المأخوذ من كراسة الخط الرقعة. عدم تفاعل الأهالي مع الواجبات وانتباههم لما يكتبه أبناؤهم استلزم حلًا. حاولت حل ذلك بطلب توقيع ولي الأمر على ورقة الواجب، ولا أقول أن ذلك حل المشكلة كلها ولكن كان مستوى أداء الطلاب أفضل وذلك لأن الولي عندما يوقع الورقة لا بد له أن ينظر لما كتبه ابنه، وكذلك سيكون الطالب أكثر حذرًا عندما يقدم الورقة لوليّه لتوقيعها.
نشاط يزيد من حرص الأطفال على كتابة نصهم بأفضل خط وأوضح شكل
من أحد الأنشطة التي أدخلتها للدورة هي نشاط تشاركي لكتابة نص قصة بين الطلاب. بدأ النشاط بأن قرأت لهم القصة -هناك عدد كبير جدًا من القصص مجموعة في “مختارات من قصص الأطفال”– وبعد أن أحبوها وانشدوا لها اتفقت معهم على النشاط وهو أن يكتب كل واحدٍ منهم صفحة من القصة على ورقة وعند اجتماعنا في الجلسة اللاحقة خلطت الأوراق ووزعتها على الأولاد ليقرأ كل طالب ورقة صاحبه. طلبت من كل تلميذ أن يقرأ اسم كاتب الصحيفة، وخلال القراءة، إن أشكل عليه قراءة النص فهذا لمشاكل في الكتابة أناقشها عند موضعها معهم. حاول معظم الأطفال أن يكتبوا بأفضل خط لديهم ليتجنبوا الإحراج إن لم يستطع القارئ أن يقرأ ما كتبوه.
يعيب هذا النشاط أن من يقع عليه قراءة ورقة زميله قد يكون ضعيفًا بالقراءة ولتجاوز هذا الموضوع وعندما يشكل عليه كلمة أراها واضحة أطلب من طالب آخر التدخل وقراءة الكلمة، وفي بعض الأحيان أطلب من أحد آخر تكملة القراءة.
أوسمة نهاية الدورة
وددت في نهاية الدورة أن أترك في نفوس الطلاب أثرًا يدفعهم لمزيد من الاهتمام بالعربية، قد لا يكون أثرًا مباشرًا ولكنه لا يقل عن فخر جيلنا بشهادات التقدير التي كان مدرسونا يمنحونا إياها. تم منح الأوائل جائزة ووُزّعَ على الجميع أوسمة كنت قد صممتها وطبعتها لهم، وقد تأسّيت في هذه الأوسمة بما يفعله الأتراك عندما يتقن الطفل القراءة والكتابة فيمنحونه وسام “القراءة والكتابة” okuma yazma rozeti. أسميت الوسام بوسام “اقرأ”. من أراد إعادة استخدامه يمكنه ذلك بكل أريحية (الملف المصدري بلاحقة XCF باستخدام برنامج Gimp).